شهدت أسعار النفط العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الأربعاء، في ظل حالة من القلق المتزايد بين المستثمرين إثر صدور بيانات حكومية أمريكية أظهرت ارتفاعًا غير متوقع في مخزونات النفط الخام، وهو ما أثار مخاوف من احتمال وجود فائض في المعروض النفطي قد يؤثر سلبًا على استقرار السوق خلال الفترة المقبلة.
![]() |
تراجع أسعار النفط وسط ارتفاع مفاجئ في مخزونات الخام الأمريكية |
وفي تفاصيل الأرقام، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت إلى مستوى 66.09 دولارًا للبرميل، مسجلة بذلك انخفاضًا قدره 54 سنتًا، أي ما يعادل نحو 0.81% من قيمته. أما خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، فقد تراجع بدوره بنحو 52 سنتًا، أو بنسبة 0.82%، ليصل سعر البرميل إلى 63.15 دولارًا. هذا التراجع جاء مباشرة بعد إعلان إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن ارتفاع غير متوقع في حجم مخزونات الخام خلال الأسبوع الماضي.
وبحسب التقرير الرسمي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة، فقد زادت مخزونات النفط الخام الأمريكية بمقدار 3.5 مليون برميل، ليبلغ إجمالي المخزون نحو 441.8 مليون برميل، وهو مستوى أعلى بكثير من التقديرات الأولية التي كانت تشير إلى احتمال انخفاض في المخزونات أو استقرارها على أقل تقدير.
إرتفاع مفاجئ للمخزون الأمريكي يشكل عامل ضغط على السوق العالمي
هذا الارتفاع المفاجئ في حجم المخزون الأمريكي شكل عامل ضغط على السوق، حيث فسره المستثمرون على أنه مؤشر على ضعف الطلب أو وجود فائض في الإنتاج لم يتم استيعابه بعد. وتاريخيًا، تمثل زيادة المخزون إشارة سلبية في أسواق النفط، لأنها غالبًا ما تقود إلى تراجع الأسعار، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية غير مستقرة أو توقعات بتباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي.
وأضافت إدارة معلومات الطاقة في تقريرها أن صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفع أيضًا بمقدار 422 ألف برميل يوميًا، ما يدعم التوقعات بزيادة المعروض النفطي في الأسواق الأمريكية بشكل أكبر من المتوقع، ويزيد من احتمالات استمرار الضغوط السعرية على خامي برنت وغرب تكساس خلال الأسابيع المقبلة.
إهتمام المحللين بمراقبة تطورات المعروض العالمي من خامات الطاقة
من ناحية أخرى، يراقب المحللون في أسواق الطاقة باهتمام تطورات المعروض العالمي، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية في بعض الدول المنتجة للنفط، بالإضافة إلى تحركات منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها، المعروفين بتحالف "أوبك بلس"، الذين يسعون إلى ضبط الإنتاج بما يحقق توازنًا بين العرض والطلب ويحافظ على استقرار الأسعار في الأسواق العالمية.
كما تشكل مستويات الطلب على الوقود في الأسواق الآسيوية والأوروبية عاملاً حاسمًا في تحديد اتجاهات السوق المستقبلية، إذ إن أي تراجع في وتيرة الاستهلاك من شأنه أن يعمّق حالة التراجع الحالية، في حين أن تعافي الأنشطة الصناعية والاقتصادية قد يدعم الأسعار لاحقًا.
في السياق ذاته، تتأثر أسعار النفط أيضًا بتقلبات سعر صرف الدولار الأمريكي، حيث إن قوة الدولار عادةً ما تجعل شراء النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى، ما قد يقلل من الطلب وبالتالي يدفع الأسعار نحو الهبوط.
كلمة أخيرة
وتبقى التوقعات المستقبلية لأسعار النفط مرتبطة بعدد من المتغيرات، في مقدمتها مدى التزام الدول المنتجة بخطط خفض الإنتاج، وحجم تعافي الاقتصاد العالمي، خاصة بعد تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة إلى التغيرات المناخية والتحول العالمي نحو مصادر الطاقة البديلة، وهي عوامل باتت تؤثر تدريجيًا على هيكل السوق النفطي العالمي.